Menu

آخر الموضوعات
هذه ملاحظات من عشرين صحيفة كنت كتبتها بمناسبة تفنيد مذهب غريب في سقوط الخصومة وقفت عليه في موقع على الشبكة العنكبوتية.
وهذه مقدمتها:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
كنت أقلبُ اليومَ صفحاتِ مواقعَ على الشبكة العنكبوتية حتى استوقفني قولٌ في سقوطِ الخصومةِ القضائية “تعليقاً” على حكمٍ للمحكمة العليا الليبية مذيلٌ باسمِ مستشار بها. وأنا لا أجزم حقيقةً إن كان الكلامُ كلامَه أو أنه منسوبٌ إليه. فما يكشفُ عنه من براءةِ صاحبه من الإلمامِ بما يصحُّ لي أن أنعتَه بالمعلومِ في القانون بالضرورة يجعلني أتعفَّفُ عن إلحاقِه بـرجلِ قانونٍ فضلاً عن أن يكون بذلك المقام.
وليكنْ من كان صاحبُه. فما اسمُه ولا صفتُه بموضوعي، بل ألقيتُه التي اقترنت بها كثيرٌ من المصادماتِ لقطعياتٍ في القانون. وأحسنُ الظنِّ أنها لم تكن وليدةَ قراءةٍ متأنية، ما حجب عن كاتبها الفهمَ السَّويَّ للمقروء ودفعَ بإصبعِه ليسبقَ إلى لوحةِ المفاتيح تفكيرَه، فوقع منه ما وقع من الفسادِ الشديد في القول في موضوعةٍ بلغت بنصوصٍ القانونِ وأحكامِ القضاء في الوضوحِ أتمَّه.
قلتُ في نفسي: ظهورُ فسادِه يغني عن إفساده، وإذن فالإعراض عنه والإهمال والتجاهل. وغالباً ما هذا هو الموقفُ من مثله على الشبكة التي أتاحت للعامّة والخاصّة، على السواء، أن يتكلموا فيما يعلمون وفيما لا يعلمون. فمن يكتب أكثر هو “الأشهَر”! بيد أنِّي وجدتني مسوقاً إلى تسجيلِ ملاحظاتي على القول ومقارعتهِ بالحجة بغيةَ التصويب والتنبيه، وحتى لا يهونَ على القائل فيسترسلَ ويسهلَ عليه تكرارُه.
ولقد ارتأيت أن يقفَ القارئُ الكريمُ على التعليق قبلَ مطالعة المآخذ؛ لظني أن في عرضه بمجردِه ردَّه وتفنيدَه، فيدرأ القارئُ بذلك عناءَ المواصلة إلى ما كتبتُ إلى منتهاه. فأنا في بابِ توضيحِ واضحاتٍ واجترارِ معلوماتٍ مألوفات. وهذا سيضطرني إلى إطنابٍ وتكرارٍ قد يبعثان قدراً من السأم والملل. أدرك صعوبةَ المهمةِ، لا لدقة موضوعتها، بل لفرطِ بداهتِها وفيضِها عن الحاجةِ أصالةً. ومع ذلك، سأبذل قصارى جهدي لئلا أُثقل. وأطمئن القارئَ أنِّي أضمن له إن هو واصل الملاحظةَ إلى مداها، أنْ سيجدُ فيها بسطةً من العلم والفوائد المتَّصلة. ولعلها تكون دليلاً لمن أراد الاستزادةَ والتوسع. فاللهَ أسألُ التوفيقَ والسداد. وما توفيقي إلا باللهِ العظيم.
بقلم عيـاد دربال، 2013
بعد الإطاحة بالنظام السياسي الحاكم في ليبيا عام 2011م، شرع القادة الجدد في تغيير دستوري وآخر مؤسساتي لواقع قلَّ أو انعدم نظيره في العصر الحديث. وقد مهد هذا الواقع الفريد الطريقَ أمام إطلاق الأفكار وتصور الحلول واقتراحها، أفكار واقتراحات، رغم اتفاقها، كما المعلَن، في غاية نهضة البلاد نهضةً تبرر تكلفة التغيير، إلا أنها لم تختلف في رسم الطريق الموصلة إلى تلك الغاية فحسب، بل وتعارضت تعارضاً تستعصى معه الحلول الوسط. فقد دخلت القاموسَ السياسي الليبي كلماتٌ جد جديدة ما فتئت تثير جلبة تزيد من تعدد وتشعب السبل المطروحة. ويبدو هذا جلياً في التجاذب بين الأصوات المنادية بسيادة أو حاكمية الله كبديل للسيادة المألوفة للأسماع، سيادة الشعب أو الأمة، من جهة، والأصوات المنادية بهذه الأخيرة، من جهة ثانية. كما يرفع آخرون لواء العلمانية، اسماً أو مفهوماً، كمبدإٍ لنظام الحكم بحجة جوهرية دوره في "تقدم" الدول التي اعتنقته. ويعد الاستشهاد بالأنموذج التركي في هذا المقام، لدى بعض هؤلاء الأخيرين، الدليلَ الأبرز في حواراتهم.
يوحي الواقعُ للمستقري للمشهد عن كثب بالتنامي الأسرع والانتشار الأوسع لفكر كل من المنادين بالعلمانية والمتمسكين بسيادة الشعب في أوساط العامة والبارزين السياسيين. لكن، مع هذا، قلما يستعمل هؤلاء لفظَ "العلمانية." ويبدو أن هذا الإحجام راجع إلى أحد أمرين: فمن ناحية، تجنح الفئة المدركةُ مفهومَ المصطلح إلى الحذر في استعماله تفادياً لمعاكسة معارضيه أو التصادم معهم. ومن ناحية أخرى، فإنه بسبب عدم الدراية الكافية بكُنه هذا المصطلح وأبعاد الفكر الذي يعبر عنه، لا تستعملها الفئة الأخرى للاعتقاد، خلافاً للحقيقة، بأن ما تدافع عنه لا يمتّ للعلمانية بصلة.
إن استحضار الأنموذج التركي إلى المشهد السياسي الليبي كخيار جدير بالاعتناق، دفع الكاتبَ إلى تقفّى مسيرة تحول تركيا من دولة يدين 99% من شعبها بالإسلام والشريعةُ الإسلامية فيها هي الدستورُ والفيصلُ في شؤون البلاد والعباد، إلى دولة صارت أنموذجاً فريداً للعلمانية المثالية وإقصاء الدين.
لا يتعدى المقصد من وراء هذا البحث تبيانَ مدلول مبدأ العلمانية بشكل عام، وتتبُّعَ الخطى التي سلكها أصحاب القرار في تركيا لعلمنتها، ثم تلمس وعرض الأبعاد المهمة لصورة هذه العلمانية، وذلك أملاً في بسط كل ذلك أمام القارئ المسلم بشكل عام، والليبي خصوصاً، ليكون تفضيله لهذا النظام أو رفضه له مبنياً على دراية أوسع ومستنداً إلى بيِّنة أقوى.
في سبيل توفير جو ملائم للقارئ للتقييم الحر للنظام المذكور، يكتفي الكاتب بإتاحة قدرٍ قيِّم من معلومات لا تعدو، في أغلبها، تأصيلاً مفهوماتياً للعلمانية وتتبعاً تاريخياً لسلسلة من الأحداث التي عاشتها تركيا منذ نشأتها حتى تمام هذا العمل. وسيجري تناول ذلك على نحو يعرض فيه الجزء الأول من البحث التعريفَ بمبدأ العلمانية وبيانَ خصائصها، ويُعنَى الجزء الثاني بنشأة العلمانية في تركيا ومراحل تطورها، فيما يخصص الجزء الأخير لأبرز الآثار المترتبة على هذا التحول.
والله ولي التوفيق
بقلم عيـاد دربال، 2013
بعد الإطاحة بالنظام السياسي الحاكم في ليبيا عام 2011م، شرع القادة الجدد في تغيير دستوري وآخر مؤسساتي لواقع قلَّ أو انعدم نظيره في العصر الحديث. وقد مهد هذا الواقع الفريد الطريقَ أمام إطلاق الأفكار وتصور الحلول واقتراحها، أفكار واقتراحات، رغم اتفاقها، كما المعلَن، في غاية نهضة البلاد نهضةً تبرر تكلفة التغيير، إلا أنها لم تختلف في رسم الطريق الموصلة إلى تلك الغاية فحسب، بل وتعارضت تعارضاً تستعصى معه الحلول الوسط. فقد دخلت القاموسَ السياسي الليبي كلماتٌ جد جديدة ما فتئت تثير جلبة تزيد من تعدد وتشعب السبل المطروحة. ويبدو هذا جلياً في التجاذب بين الأصوات المنادية بسيادة أو حاكمية الله كبديل للسيادة المألوفة للأسماع، سيادة الشعب أو الأمة، من جهة، والأصوات المنادية بهذه الأخيرة، من جهة ثانية. كما يرفع آخرون لواء العلمانية، اسماً أو مفهوماً، كمبدإٍ لنظام الحكم بحجة جوهرية دوره في "تقدم" الدول التي اعتنقته. ويعد الاستشهاد بالأنموذج التركي في هذا المقام، لدى بعض هؤلاء الأخيرين، الدليلَ الأبرز في حواراتهم.
يوحي الواقعُ للمستقري للمشهد عن كثب بالتنامي الأسرع والانتشار الأوسع لفكر كل من المنادين بالعلمانية والمتمسكين بسيادة الشعب في أوساط العامة والبارزين السياسيين. لكن، مع هذا، قلما يستعمل هؤلاء لفظَ "العلمانية." ويبدو أن هذا الإحجام راجع إلى أحد أمرين: فمن ناحية، تجنح الفئة المدركةُ مفهومَ المصطلح إلى الحذر في استعماله تفادياً لمعاكسة معارضيه أو التصادم معهم. ومن ناحية أخرى، فإنه بسبب عدم الدراية الكافية بكُنه هذا المصطلح وأبعاد الفكر الذي يعبر عنه، لا تستعملها الفئة الأخرى للاعتقاد، خلافاً للحقيقة، بأن ما تدافع عنه لا يمتّ للعلمانية بصلة.
إن استحضار الأنموذج التركي إلى المشهد السياسي الليبي كخيار جدير بالاعتناق، دفع الكاتبَ إلى تقفّى مسيرة تحول تركيا من دولة يدين 99% من شعبها بالإسلام والشريعةُ الإسلامية فيها هي الدستورُ والفيصلُ في شؤون البلاد والعباد، إلى دولة صارت أنموذجاً فريداً للعلمانية المثالية وإقصاء الدين.
لا يتعدى المقصد من وراء هذا البحث تبيانَ مدلول مبدأ العلمانية بشكل عام، وتتبُّعَ الخطى التي سلكها أصحاب القرار في تركيا لعلمنتها، ثم تلمس وعرض الأبعاد المهمة لصورة هذه العلمانية، وذلك أملاً في بسط كل ذلك أمام القارئ المسلم بشكل عام، والليبي خصوصاً، ليكون تفضيله لهذا النظام أو رفضه له مبنياً على دراية أوسع ومستنداً إلى بيِّنة أقوى.
في سبيل توفير جو ملائم للقارئ للتقييم الحر للنظام المذكور، يكتفي الكاتب بإتاحة قدرٍ قيِّم من معلومات لا تعدو، في أغلبها، تأصيلاً مفهوماتياً للعلمانية وتتبعاً تاريخياً لسلسلة من الأحداث التي عاشتها تركيا منذ نشأتها حتى تمام هذا العمل. وسيجري تناول ذلك على نحو يعرض فيه الجزء الأول من البحث التعريفَ بمبدأ العلمانية وبيانَ خصائصها، ويُعنَى الجزء الثاني بنشأة العلمانية في تركيا ومراحل تطورها، فيما يخصص الجزء الأخير لأبرز الآثار المترتبة على هذا التحول.
والله ولي التوفيق
ورقة مقدمة إلى الورشة المنظمة من مصلحة التسجيل العقاري والمنعقدة يومي 25 و26-2-2019، تحت عنوان: الشهادة الدالة على حالة العقار بين الشكل والمضمون ومدى حجيتها القانونية أمام القضاء
إعداد: د. عيـاد علي دربال، القاضي بمحكمة الزاوية الابتدائية 23-2-2019
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الكريم وعلى آله وصحبه،
أصدر المجلس الوطني الانتقالي قراره 102 لسنة 2011 بشأن إعادة تنظيم وتحديد ضوابط العمل بمصلحة التسجيل العقاري وأملاك الدولة، معلقاً بعض أعمال المصلحة المتعلقة بحق الملكية، وذلك خلال الفترة الانتقالية التي ما انفكت البلاد تشهدها بسبب التغييرات السياسية. أثار نص المادة الثالثة من القرار خلافاً بشأن مدى شمول الشهادة العقارية الدالة على حالة العقار (يشار إليها بعدُ بشهادة حالة العقار أو بالشهادة) بالتعليق. تجد هذه الشهادة أهميتها في اشتراط القانون لها لقبول بعض الدعاوى أمام القضاء، وفي هذا، بالدرجة الأولى، تكمن ضرورة الوصول إلى فهم سليم للنص.
ويفرض الخلاف في فهم النص مسائل عديدة متفرعة عن هذه المسألة الأم. لعل أهمها: إذا كان القرار يشمل بتعليقه الشهادة، فهل يعني أن المشرع أسقط اشتراطها في قبول الدعاوى المذكورة؟ ألا تنعدم الحكمة من اشتراطها أساساً بمجرد تعليق أعمال تحقيق الملكية بالمصلحة؟ ماذا لو تحقق القاضي بنفسه من حالة العقار في السجلات العقارية، أو انتدب أحداً لذلك؟
سأحاول الإجابة على ذلك ضمن جملة من المحاور ستنتهي بي إلى الرأي بعدم استغراق الشهادة بالأعمال المعلقة، وبعدم جدارة سواها بقيمتها القانونية في مقام قبول الدعاوى القضائية. وإذ انتهيت إلى هذا وغيره، من المهم الإشارة إلى أن حداثة اتصالي بموضوع الورشة ومحاورها حتم كتابتي الورقة على عجل، واضطرني إلى الاكتفاء بخبرتي القصيرة في مجال القضاء المدني وما أعلمه من مبادئ عامة تحكم قراءة نصوص القانون وفهمها مستنداً أساسياً في ما أقول. وما التوفيق إلا بالله تعالى.
العبد لله الدكتور عيـاد علي شعبان دربال ليبي الجنسية. ولد عام 1971 بريف مدينة العجيلات شمال غرب ليبيا. أكرمه الله تعالى بكثير من النعم. منها أنه، بفضله جلّ وعلا، تفوق في كلِّ مراحل دراسته. تصدر قائمة أوائل الناجحين في الشهادة الإعدادية على بلديات النقاط الخمس والزاوية والجبل الغربي. تحصل على الشهادة الثانوية عام 1988 متبوئاً الترتيب الخامس على مستوى البلاد. اتجه إلى جامعة قاريونس ببنغازي ليتلقى علم القانون من صفوة من أساتذة القانون والشريعة، فنال إجازته عام 1992، الترتيب الأول.
بدأ عمله عضواً بالنيابة العامة عام 1993. واصل الدراسة العليا في قسم القانون العام بجامعة الفاتح بطرابلس ليبيا، فأكملها معتلياً لائحة نائلي دبلومها. انتقل إلى القضاء عام 2006، ليعمل قاضياً لعام واحد فاز خلاله بمنحة فلبرايت Fulbright الدراسية لنيل درجة الماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية. تفرغ للدراسة العليا واتجه إلى جامعة نوترديم بولاية إنديانا، فحصل على الدرجة في القانون الدولي لحقوق الإنسان بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف “summa cum laude”، الترتيب الأول.
تحول بعد ذلك إلى جامعة القاهرة لمواصلة الدكتوراه في المجال نفسه مقارناً بالشريعة الإسلامية في موضوعة غير مسبوقة الطرح في العالم الإسلامي. فيها، أثبت أن الأساسَ الغربي للقانون الدولي لحقوق الإنسان والهيمنةَ الملحوظة للمفاهيم الغربية على محتوى هذا القانون لا يجديان في فرض كلِّ القيم المنبثقة عن الخصوصية الثقافية الغربية على جميع الدول الملتزمة بهذا القانون من الحضارات الأخرى. دلل على أن في المعاهدات الدولية الرئيسية ذاتها من المبادئ والأحكام ما يغني قانوناً في التحدي بالخصوصيات الثقافية غير الغربية، وفي نطاق ليس بالضيق. وظّف هذه النتيجة لتبرير ممارسات يعدها كثيرون انتهاكاً لحق المرأة في المساواة بالرجل؛ إذ قدم إلى السلطات في الدول الإسلامية حجة قانونية قوية تواجه بها الوابل غير المنقطع من سهام الاتهام بانتهاكها للقانون الدولي لحقوق الإنسان في ما يتصل بحق المرأة في المساواة بالرجل في شؤون تعدد الزوجات والطلاق والميراث. في أواخر 2016، منح شهادة الدكتوراه بتقدير ممتاز وبتوصية بنشر الرسالة في الجامعات المصرية والأجنبية. عاد من بعد إلى العمل القضائي فتولى دائرة للقضاء المدني بمحكمة الزاوية الابتدائية.