Menu

آخر الموضوعات
القانون وليس العمل غير المشروع هو مصدر التزام الجهة نازعة الملكية بتعويض ملّاك العقارات التي يتم الاستيلاءُ عليها، وذلك سواء التزمت جهةُ الإدارة الإجراءاتِ التي رسمها قانون نزع الملكية أو التفتت عنها.
صدور قرار بنزع الملكية للمنفعة العامة يَقصُرُ بمجرده عن أن يرفع صفةَ الغصب عن فعل الاستيلاء. فهذه الصفةُ أصلٌ ملازمٌ لاستلابِ أملاك الغير، ولا ينخلعُ منه إلا بسببٍ قانوني، وهو في دعوانا نزعُ الملكية لأغراض المنفعة العامة ووفق الإجراءات التي نصَّ عليها قانون التطوير العمراني تفصيلاً. وهي إجراءات عدة لا إجراء واحد. فإن اتُّبعت جميعُها، كان الاستيلاء نزعاً لدواعي المنفعة العامة تحكمه نصوصُ هذا القانون. أمّا إذا لم تُتَّبَع كلُّها أو بعضها أو حتى أحدُها، كان غصباً موجباً لتطبيق الأحكام العامة في القانون المدني.
استيلاء المدعى عليهما على أرض المدعي يشكِّل غصباً من وجه كونه جرى بلا تعويض. لا وجهَ للتحجج بسَعةِ الوقت لدفع التعويض وباحتماله التراخي. ذلك أنه من المقرَّر قانوناً والمقتضى عدالةً والمستقر عليه قضاءً أن الملكيةَ حقٌّ لا يحلُّ المساسُ به إلا بشروط أحدُها أن يكون مقابلَ تعويضٍ عادل. هذا أصلٌ عامٌّ يفضي إليه بداهةً اشتراطُ العدالة في التعويض من جانب، واستعمالُ لفظ “مقابل” من جانب آخر، فلا يجوز الخروجُ عنه إلا بنصٍّ صريح في القانون. فمن ناحية، تفرض العدالةُ التواقتَ بين الاستيلاء ودفع التعويض؛ إذ المعاصرةُ جزءٌ من العدل، وهذا يقتضي ألَّا يُحرَم الشخصُ في الوقت ذاته من البدلين: مالِه الذي انتُزع أو التعويضِ المستحقِّ عنه. ومن ناحية ثانية، فإن لفظ “مقابل” مستلزِمٌ أصالةً هو الآخرُ للفورية مادام لا يوجد صارفٌ يصرفه عن هذه الدلالة. وهذا غير موجود. أضف إلى ذلك أن الذي يُفهم من نصوص قانون التطوير العمراني أيضاً أن المشرع يوجب التعويضَ الكامل على وجه السرعة.
ولئن أمكن حسبانُ تأخيرٍ إجرائيٍّ معقول في منح التعويض مبرَّراً باعتبارات المصلحة العامة التي توجب ترجيحَها على الخاصة، إلا أن تقاعسَ الجهةِ الملزمة به زمناً طويلاً بلا عذرٍ سائغ تبديه يحيل استيلاءَها على عقار الغير غصباً حتى لو سلِمت إجراءاتُه السابقة بأسرها. أضف إليه أن عدَّه غصباً لمجرد إهمال بعض الإجراءات الشكلية لَيجعلُ من نعته بالغصب لعدم التعويض مفروضاً بحكم الأولوية. فلا مُرية في أن الاستحواذ على ملك الغير دون مقابل لهُوَ أشدُّ صور الاعتداء على الملكية وطأةً، وإذن فلا أولى ألبتَّة بصفة الغصب منه.
لما كان ذلك، وكان قد مضى على شقِّ الطريق بأرض المدعي سنواتٌ عديدة، وكان المدعى عليهما إلى اليوم يرفضان تعويضه عن ذلك، فلا جرمَ أن يكون فعلهما غصباً للملكية من هذه الناحية أيضاً، إذ ما الغصبُ في معناه الدقيقِ وأظهرِه إلا استحواذٌ على ملك الغير دون مقابلٍ عادل، فكيف به إذا حصل دون أيِّ مقابل؟!
وحيث إنه لما كان الشرطُ في التعويض عدالتَه، وكانت هذه تقتضي أن يكون مجزئاً. وحيث إنه لا يكون كذلك إلا إذا كان متناسباً مع الضرر، بحيث يصلح بديلاً عنه، أي مواسياً ومتناسباً مع وزن الضرر وملابساته دون إسراف أو تقتير. لذلك، فعدالته توجب، مع ما تقدم، الأخذَ في الحسبان المنفعةَ الحقيقيةَ التي ستعود على المتضرر من المبلغ المحكوم به عند القضاء به. وهذه لا تتمُّ دون مراعاة القيمة الفعلية لمبلغ التعويض. لكلِّ ذلك، وضعت المحكمةُ في حسبانها عند تقدير التعويض المحكوم به ما طرأ على الدينار الليبي من تغيّرٍ في قيمته تغيُّراً يشهدُ له حقيقةُ انخفاض قوته الشرائية الفعلية. وهو انخفاضٌ بلغ في الظهور مرتبةَ المعلوم من الواقع بالضرورة. كما يشهد له انخفاضُ قيمته الرسمية مقابلَ النقد الأجنبي، والذي كان بموجب قرار مصرف ليبيا المركزي 1 لسنة 2020 بشأن تعديل سعر صرف الدينار. إن تغيُّر قيمة النقد هو أحد المؤِّثرات على مقدار التعويض عن الضرر، وإذن فعلى القاضي ليكون تعويضُه عادلاً أن يراعيَه.
مجموعة مختارة من الأحكام الصادرة في القضاء المدني الكلي. يمكن مطالعتها، وتنزيل نسخة منها، وإضافة تعليق عليها، والاستماع إلى ملخصها
جملة من القرارات الصادرة عن المحكمة. يمكن مطالعتها، وتنزيل نسخة منها، وإضافة تعليق عليها
مختارات من الأحكام الصادرة في القضاء الجنائي الجزئي. للزائر مطالعتها، وتنزيل نسخة منها، وإضافة تعليق عليها، والاستماع إلى ملخص لها
مجموعة مختارة من القرارات الصادرة عن غرفة الاتهام بالإحالة إلى المحكمة أو بالأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية. للزائر الاطلاع عليها، والتعليق، والتنزيل
العبد لله الدكتور عيـاد علي شعبان دربال ليبي الجنسية. ولد عام 1971 بريف مدينة العجيلات شمال غرب ليبيا. أكرمه الله تعالى بكثير من النعم. منها أنه، بفضله جلّ وعلا، تفوق في كلِّ مراحل دراسته. تصدر قائمة أوائل الناجحين في الشهادة الإعدادية على بلديات النقاط الخمس والزاوية والجبل الغربي. تحصل على الشهادة الثانوية عام 1988 متبوئاً الترتيب الخامس على مستوى البلاد. اتجه إلى جامعة قاريونس ببنغازي ليتلقى علم القانون من صفوة من أساتذة القانون والشريعة، فنال إجازته عام 1992، الترتيب الأول.
بدأ عمله عضواً بالنيابة العامة عام 1993. واصل الدراسة العليا في قسم القانون العام بجامعة الفاتح بطرابلس ليبيا، فأكملها معتلياً لائحة نائلي دبلومها. انتقل إلى القضاء عام 2006، ليعمل قاضياً لعام واحد فاز خلاله بمنحة فلبرايت Fulbright الدراسية لنيل درجة الماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية. تفرغ للدراسة العليا واتجه إلى جامعة نوترديم بولاية إنديانا، فحصل على الدرجة في القانون الدولي لحقوق الإنسان بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف “summa cum laude”، الترتيب الأول.
تحول بعد ذلك إلى جامعة القاهرة لمواصلة الدكتوراه في المجال نفسه مقارناً بالشريعة الإسلامية في موضوعة غير مسبوقة الطرح في العالم الإسلامي. فيها، أثبت أن الأساسَ الغربي للقانون الدولي لحقوق الإنسان والهيمنةَ الملحوظة للمفاهيم الغربية على محتوى هذا القانون لا يجديان في فرض كلِّ القيم المنبثقة عن الخصوصية الثقافية الغربية على جميع الدول الملتزمة بهذا القانون من الحضارات الأخرى. دلل على أن في المعاهدات الدولية الرئيسية ذاتها من المبادئ والأحكام ما يغني قانوناً في التحدي بالخصوصيات الثقافية غير الغربية، وفي نطاق ليس بالضيق. وظّف هذه النتيجة لتبرير ممارسات يعدها كثيرون انتهاكاً لحق المرأة في المساواة بالرجل؛ إذ قدم إلى السلطات في الدول الإسلامية حجة قانونية قوية تواجه بها الوابل غير المنقطع من سهام الاتهام بانتهاكها للقانون الدولي لحقوق الإنسان في ما يتصل بحق المرأة في المساواة بالرجل في شؤون تعدد الزوجات والطلاق والميراث. في أواخر 2016، منح شهادة الدكتوراه بتقدير ممتاز وبتوصية بنشر الرسالة في الجامعات المصرية والأجنبية. عاد من بعد إلى العمل القضائي فتولى دائرة للقضاء المدني بمحكمة الزاوية الابتدائية.